(وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِه)ِ
من تمكَّن وقارُ الله وعظمته وجلالُه من قلبه؛ لم يجتَرئ على معاصيه، ولم يتوثَّب على مناهِيه، وكيف يقدِّره حقَّ قدره ويعَظّمه حقَّ تعظيمِه ويوقِّره حقَّ توقيره من هان عليه أمرُه فعصاه، وحقُّه فضيَّعه وتناساه، وقدَّم على طاعةِ ربِّه هواه، وآثر الدنيا على طلَب رِضاه، يستحي من الناسِ ولا يستحي من الله، ويخاف مِن نَظَر المخلوقِين ويستخِفّ بنظر الله، ويخشى الناسَ ولا يخشَى مِنَ الله، ويطيع المخلوقين في مَعصِيَة الله الذي لا يستحِقّ كمالَ التعظيم والإجلال والتألُّه والخضوع والذلِّ سِواه؟! وأيُّ فلاحٍ وأيُّ رجاءٍ يَرجوه مَن أغضَب ربَّه الّذي لا بدَل له منه، ولا عِوَض لَه عَنه، ولا حَول له ولا قوّة إلاّ به؟! ولو كان قويًّا غنيًّا
ما يَصنَع العبدُ بعزِّ الغِنَى *** والعزُّ كلُّ العِزِّ للمتقي
من عرف الله فلم تُغنِـه *** مَعرفةُ الله فذاك الشَّقِي
{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى*قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا *قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى*وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى} [طه: 124-127].
نقلًا من موقع: المنبر
للشيخ: صلاح بن محمد البدير -حفظه الله-